الأربعاء، سبتمبر 22، 2010

قـــارئـة الـفـنجـــان




لقد صعد نجمك ... سأقرأ حظك ... وأكشف بختك ... إنثر ودعك ... وارشف فنجانك ... وأفرد كفك لأرى خطوط راحتك .
إنك تحب واحدة بحرف الكاف وقد ضحيت لها في غابر الزمان وفي سابق الأيام ... وستضحي لها ما بقي لك من عمر الذي سيكون إنشاء الخالق مديد .
إن تضحيتك عظيمه .. إنني أراها واضحة " أمامي " مذهلة ثمينة ... وهي عبارة عن فزع الروح داخل نفسك .. والهاجس المستمر في فكرك .. خوفاً وقلقاً عليها .. من أمسك ومن يومك ومن غدك .
إنك تأكل وهي متربعة أمامك .. وتعمل وهي في ضميرك .. وتنام وهي أحلامك .. تصبح معك وتمسي معك .. ولا حديث لك مع صحبك إلا عنها .. ولا أمل يلوح في خاطرك إلا لها .. ولا تسرح في الخيال إلا بصحبتها .
لقد ملكت منك الوجدان .. وأنت في عشقها والهٌ هيمان .. تأخذها معك لكل مكان ولا تخجل إذا ما أطلت على الناس من بين ضلوعك .. فعزك في خنوعك لها .. ومجدك في خضوعك لأمرها .


أيها المتيم في حبها أهي قلبك أم أنت في قلبها ؟
لقد اختلطت أمامي الخطوط ... فلم أعد أعرف أهي قدرك أم أنت قدرها ؟
فخوفك عليها ترتجف له أوصالها .. والذي يخطر ببالك يخطر في فكرها .. وما تتوجد عليه ليلا تراه متثائبا في فجرها .. أنت ظلها وهي شمسك .. أنت نهارها وهي ليلك .
أيها الصب الملوع إني أرى أمرك كله وأمرها .. ولا أدري نار أحشائك من أضرمها !! أبيدك تحرق جوفك ؟!
أم النار هي التي توقد حسك لكي لا يهدأ ذهنك !!
هذا أمر غريب !!
لقد تداخلت أمامي الخطوط سأترك كفك ... وأقرأ رسوم فنجانك عل التداخل هنا يغيب .. والكلام يصيب .. يا لهول ما أرى .. إنك معذب بالهوى .. وقلبك بسياطه اكتوى .. فلم يخطر على مسامعي دقات خافق مغرم ينوح كنوحك من الجوى .
لم أعرف بعمري نفسا كنفسك ارتوت من العذاب والعذاب منها ارتوى .
عينيك ضاحكة باكية .. ومشاعرك مرهفة قوية .. رافضة راضية قانعة شاكيه .
إن فنجانك صعب عجيب !!!


لكني لرغبتك سأستجيب .. وسأكمل ما بدأته معك .. ولا أخفيك أمراً ولا أكتمك سراً ... إنني أشعر بالحيرة .. ويلزمني قليلاً من الوقت لتتفتح عندي البصيرة .. ويلزمك بالمقابل قليلاً من الصبر .. وأنا أعرف أنك قادر عليه .
لا أدري ما هو سر عذابك ... إن الخير كله أمام بابك والحب يهيم في محرابك وأنت ذو عقل ومكانة ... أمين رصين قوى مكين .. ولكن الأمور مختلطة في حياتك .. فأنت غني وفقير .. حر طليق ولأساك أسير .
لا أرى في فنجانك معنى لحزنك .. ولا دافعا لفرحك .. حيرني والله أمرك .
والآن سأقلب الفنجان وسأنثر الودع ... خذ هذه ... وأسر لها بما في خاطرك ... كفى ... ليس كل ما في خاطرك .
لقد همست لواحدة بما في قلبك .. وهمست لك بما في قلبها .. وجرى اتفاق بينكما على أنك ستخلص في حبها .. وستضحي من أجلها وستحتضن هي حبك ... وستخلص في ودك ... ولن تخون عهدك إذا ما استمرت مشاعرك بنفس قوتها ... وانقيادك نحوها ... وكلما تمسكت بها تمسكت هي بك أكثر .. هذا ما حصل .

ولكني أرى أمامي من يحاول الدخول بينك وبينها .. ويسدل ستاراً أمام عينيك لكي لا ترى عينها .. إنها تبكي ولها وشغفاً عليك .. ولا تستطيع أنت أن تمسح دمعها .
أراك مهموم مغموم .. منعوك من الاستمتاع بصحبتها .. كم أنت مظلوم .
سأترك الودع ... وسأحاورك .. علني استشف السر في حزنك من نبرة كلامك .. إن هيامك وغرامك حبيس صدرك .. أفرج عنه .. وسأعينك .. عسى الأيام أن لا تضيمك .
تكلم ...
إني منصته ...
جأت إليك حائرا .. وقراءتك زادت حيرتي .. أنت تكشفين خفايا نفسي أم تستقرئين مستقبلي ؟
أتيت أنشد السلوى فضاعفت في عظم بلوتي .
كل ما أريد أن أعرفه
هل أنا محق في إتباع هذا الطريق حتى لو كنت بمفردي ؟ أم يلزمني مع كل طريق رفيق يعينني ويأخذ بيدي ؟ بمعنى .. هل قول الحق يحتاج لجماعة ؟ أم كل ما احتاجه هو العزم والشجاعة وأنا أملكها وبمفردي ؟

أنا لست عاجزة عن كشف الخبايا .. ولكن ما نتكلم عنه هو النوايا .. أنا صحيح أقرأ بعضها في الكف والودع والفنجان وأكشف عن الطالع لكل إنسان .. ولكن ما شدني للكلام معك .. وترك ما بيدي لكي أسمعك .. هو الرغبة في إماطة اللثام عن حياتك .. علك بتعبير صادق من تعبيراتك تسهل مهمتي فتقودني همتي إلى توضيح أكثر يرضي تساؤلاتك .

لا أخفيك أنني أحب .. وكل ما كشفتيه لي صحيح .. فأنا عاشق متيم يفيض الوجد في كياني ويحرمني منامي .. هو عشقا شقيا بيني وبينها .. وأفدي حياتي راضيا لأجلها .. ولكنها كل يوم تبتعد عني .. وتحملنّي همُ جديد فوق همي .. حتى باتت الشكوك تحرق ضنى .. إني لسلطانها طائع .. وأنا راعي لها ولسعادتها دوماً أسارع .. وهي تحرمني الأمان والاستقرار والاطمئنان أنا أحافظ عليها فتنشد ود غيري .

ولكنكما اتفقتما على الحب .... فما الذي غير هذا الاتفاق وبدل الحال ؟
إن الذي بيني وبينها ليس الحب فقط .. إنه عهدا من قديم الزمان قطعته على نفسي على أن أحافظ عليها بكل جهدي وأحفظ كرامتها وأدافع عن وجودها حتى أخر قطرة من دمي .. وأنا والله صادق .. ولكنني كل يوم أكتشف فيها صفة جديدة تذهلني وكأنها تتحرك مع الآخرين ضدي .. هي لا تكتفي ولكنها تلعب بعواطفي أمام ناظري ومن خلف ظهري .

هل تعني بكلامك أنها تخون ؟

لا إياك أن تسيئي بها الظنون .... يحز في نفسي أنني أعجز عن التعبير .. ولكنها هي السبب .. هي من أساءت إلى ونصرت فئات لا تحبها علي .. أنا من ضاع عمري في هواها وأتمنى بكل لحظة من حياتي رضاها .
ولكنني أتعجب وأتساءل دوما وأترقب علني أجد الجواب .. ما الذي يدفعها إلى أن تنصر هؤلاء وتعصر نفسها لأجلهم وتبخس حقي لترفعهم ؟ لقد نهبوها .... ضيعوها .... جردوها .

عمن تتكلم ؟
دعني أرى كفك مرة أخرى .... إني أرى خطوط تائهة .... كل خط في طريق .. إني أرى خطاً واضحا يسرع الخطى لينالها .

يا صديقي أنت لست الوحيد المدله في حبها ..!! هناك من يحبها معك وبإخلاص مثلك .. ولكنكم مشتتين متفرقين .. وأمامكم عصبة ستأخذها ولدرب المهاوى ستجرها وهم متحدين متعاونين فكيف تلومها ؟

نعم أنا أعرفهم .... وتعبت وأنا أشير إليهم لتأخذ حذرها منهم وتسد الطريق عليهم .. ولكنها والله أعلم تهوى عذابي وتستعذب اغترابي .. وكلما حاولت الابتعاد وإغلاق بابي .. يأخذني الشوق إليها ويأكلني الخوف عليها وألوم نفسي ليلا نهاراً على هذا الخاطر .. فهي عمري كله طفولتي وشبابي .

صبراً يا صاحبي ....

إني أراك تتكلم عن شئ عظيم .. إنها ليست امرأة .. لأني لم أرى الغيرة تأكل قلبك عندما قرأت كفك وكشفت لك أن هناك من يحبها غيرك .. ويخلص لها مثلك .. إنك تريد الناس أن تشاركك في عشقك ويتسابق ولعهم مع ولهك .. ما الذي ملك قلبك ؟ من زلزل كيانك ؟
إن الناس تأتي إلى لأكشف لها الخافي من الأمور .. ولكنك أذهلتني وأعجزتني .... وأخذت أفكر وأدور .. لعلي أكشف المستور حول هذا الشعور العظيم .. إن لهذه حضور كبير في حياتك وحياة كثير من أمثالك .. من هي ؟ من هي التي طغت على واقعك وخيالك ؟

هي امرأتي .. هي ابنتي .. هي حبيبتي .. هي الروح و الجسد هي الأيام كلها بلا عدد .. هي سنين حياتي .. هي الجمال الطاغي هي الحس الراقي هي المنام .. هي روعة الأحلام .. هي الدموع بحرها هي عذوبة الابتسام هي دنيتي هي مهابتي هي عزتي هي وطني هي الكويت .


لقد التجأت إليك يا قارئة لتكشفي لي لماذا صدني أهلي عن حبها وزعموا أنني أبالغ في إطرائها .. واتهموني ظلما بعجزي عن معرفة صالحها وما يضرها وما ينفعها .. واحتكروا هذا الحق لهم وحدهم مع أنني ابنهم ولم يحدث مني يوما ما يخجلهم .. فالأيام أثبتت معدني وصلابتي .
من قديم الزمان وأنا بها راضي .. فهي من ملأت فؤادي .. فلم أهجرها لما كانت فقيرة والدهر شاهد على .. ولم أمتصها وهي غنية لما آنت إلي .. وعندما جرحت حبيبتي .... لم تجد صدراً يسندها غير صدري .. ولم تأنس دمعا أحر من دمعي .. وعزم للدفاع وقوة الاندفاع والصبر على العذاب والأسر والاغتراب .
تكلمت بكل اللغات .. وصرخت بأعلى الأصوات .. وكأنني بكلمتي وصرختي سأوقض الأموات .. إنني ملزم بحمايتها وملزم بمداواتها .. وأجد نفسي أظلم نفسي وأكره نفسي عندما أعدد ما فعلت لأجلها .. والله أخجل .... ولكنهم دفعوني للكلام عندما رأيت الخوف والظلام ويد تمتد لتأخذ شمعتي .

لا تخف .... أنت الضياء وأنت النور .. أنت السند أنت الجذور .. أنت من بني لحمايتها السور .. ومن ذا الذي سيسكن قلبها مكانك ؟ فأنت اللب وهم القشور .. حتى لو امتصوا رحيقها وأطفئوا بيدهم بريقها .. ستظل هي هدىْ أيامك .. فلا تيأس ولا تحزن فالرب من عليائه يعلم .... من المظلوم ومن الأظلم .
أتحسب أنها عن حبك تخلت ؟ أتحسب أنها أرض تداس .. جماد بلا إحساس .. أنت واهم يا صديقي .... فهي يوما ما ستتكلم .. وستشهد ضدهم عند من خلقها وخلقهم .. وستقول كم أنت أخلصت وتألمت وضحيت .. وسيكون الحساب عندها سريع عسير مريع لمن هانت عليه واستغل ما عليها واحتكره لديه .
فلا تندم على ما فات .. فهذه أرضك شرفك وعرضك .

أنا لم أندم .. ولكن هناك أشياء كثيرة .. كلما فكرت بها تملكتني الحيرة .. فما هو السبيل الأسلم للوصول إلى العزة في الوطن ؟

هل أسكت على ما أراه سيئا أم أتكلم ؟

لقد أعطانا الله العقل ... وميزنا على كثير من خلقه … ولكن هل من العقل أن لا نعي ما نراه من أخطار ؟ وهل من الأفضل أن يكون مظهرنا كمخبرنا ونصرخ عندما تجرح الأحداث فطرتنا أم نكتم الفطرة في الإحساس .. ونخاف من حكم الناس ونرضى بمهانتنا بحجة أن إعلان الحق ليس من مصحلتنا والمجاملة والنفاق أصبحت هي القاعدة وهي الأساس ؟ أسئلة كثيرة … وأمور كبيرة … تؤرقني وتسهدني ولا أقوى على دفنها .. ولم أعد اعرف نفسي ولا أدري ما سبب هذا السباق المحموم إلى المهلك من الأمور .

دعنا نكشف الطالع للمرة الأخيرة ... علنا نوفق ونرى ما أمامنا أوضح .. وسأتبع معك طريقة جديدة .. سأفتح الفنجان وأنثر الودع وأفرد أنت راحتك .. قد تجد في النهاية راحتك .. وقد تعثر على ضالتك .

ما الذي أسكتك ماذا وجدت ؟

وجدت أن كلا منكم يعاملها بطريقة … هذا يعمل ليلا نهارا ً لإرضائها وهذا يمتص في الخفاء خيرها .. وهذا يستغلها ليثري الغريب وهذا يشغلها لخدمة البعيد وهذا يغطي عينيها لكي لا ترى دمع صغارها وهذا يفلسف الأمور ويلف ويدور ويستعين بغير الكفء ليحل مشاكلها .. والغالبية معتمدة على المصادر الغيبية لإنقاذها .
ومن هم مثلك لا أجد لهم مكان … لقد افتقدتم مع الأيام الأمان .. ولكن كما قلت لك .. لا تستسلم .. هي معتمدة عليك في نصرتها فلا تتركها تتألم .. فهي كما قلنا سابقا تبادلك أنت الشعور .
هذا كل ما عندي الآن … أعذرني على التقصير .. فلم ترد على حالة كحالتك .. فلا تبتئس .. فالعبد في التفكير والرب في التدبير .. لا تبدد في الحزن طاقتك قلبي معك عسى الله أن يحفظك .

قبل أن أودعك أريد أن أشكرك

ولكي يرتاح ضميري لا أخفيك إنني التجأت إليك ولم يخطر ببالي أن أجد الحل لديك .. فأنا لا أؤمن بكشف الطالع والغيب فالعلم عند الله وحده .. والكون وما فيه ملك يده .. وأنا أعرف أن مشكلتي معها مزمنة .. ومن الصعوبة بمكان على أي إنسان أن يخلق وضعا يخالف ما كتب عليه .. ولكن كيف أتركها لضعفها وكيف أسمح أن يستغلها من استقوى عليها ؟ فمن السهولة أن نفضح خباياه .. ولكن وضع النقاط على الحروف في كل مرة فيه كثير من المضرة ..
والطامة الكبرى .. أنهم أهل وأصحاب .. فإن سكت مصيبة وإن تكلمت مصيبة وإن انفعلت مصيبة وإن امتنعت مصيبة .


هذه حياتي معها ومعهم .. وأنا أعرفها ولكن ما باليد حيله ..
وإنما جئتك لكي لا أترك أي باب .



كتب بتاريخ 1992/1/11